همســــآت فلسطــــين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
همســــآت فلسطــــين

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

تزييف التاريخ بين فلسطين وكوسوفا

2 مشترك

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1تزييف التاريخ بين فلسطين وكوسوفا Empty تزييف التاريخ بين فلسطين وكوسوفا الخميس أبريل 10, 2008 1:15 am

ميدوألأردن


<<عضو جديد>>

تتحدّث أقلام إسلامية عن مأساة كوسوفا وتميل أحيانا إلى القول إنّ القوى الدولية تصنع "فلسطين أوروبية" في البلقان، تنويها بالتشابه القائم بين المعطيات المأساوية في القضيتين. والواقع هو أنّ القوى الدولية المعنية لا تصنع " الآن " مأساة كوسوفا على غرار مأساة فلسطين، بل بدأت بذلك منذ ثمانين عاما تقريبا، وتتحرك الآن على الأرضية التي صنعتها في هذه الأثناء.
وقضية فسطين قضية إسلامية مركزية في المنطقة الإسلامية جغرافيا وتاريخيا وسياسيا، ومركزية في الفكر الإسلامي في مختلف ميادينه، فلا غرابة في الرجوع إليها في نطاق الحديث عن مأساة كوسوفا، ولكن ينبغي أن نضيف أنّ الأمر يتجاوز حدود التشابه في بعض الأحداث والتطوّرات، بل نستطيع رؤية نهج متّبع يتكرّر تطبيقه منذ فترة طويلة، في قضايا أخرى أيضا مثل كشمير وتراقيا وتركستان الشرقية وسواها، وإن تفاوتت المشاهد والتفاصيل، فالعناصر الرئيسية لذلك النهج ثابتة، تزييفا للتاريخ، واغتصابا للأرض، وتشريدا للشعب، وتواطؤا إقليميا-دوليا تتبدّل فيه المسميات وبعض الوسائل ولا تتبدّل الدوافع ولا النتائج.
وقد تعدّدت عند التدخل الأطلسي في البلقان المواقف المعبّرة عن الحيرة، ما بين الترحيب بتدخّله عسـكريا ما دام الهدف "الرسمي" هو نصرة سكان كوسوفا، وبين التحذير من العواقب المترتبة على هذا التدخل على أكثر من صعيد، إضافة إلى التشكيك بحقيقة الهدف الرسمي.
هنا يفيد إلقاء نظرة على معالم النهج المشار إليه في التعامل مع قضايا إسلامية رئيسية، ممّا يظهر للعيان من خلال المقارنة بين بعض جوانب قضية فلسطين وقضية كشمير. وأوّل ما نواجهه هنا هو تزييف التاريخ، ونعلم أنّ وقائع التاريخ في الأصل وقائع ثابتة، فلا يعني تزييفها تبديل محتواها وتحويره إلاّ في حالات نادرة، ولكن يقع التزييف بصورة رئيسية من خلال إهمال بعض الوقائع وإبراز أخرى على حسب الحاجة، فلا يفيد إذن الرجوع إلى شهادات المؤرّخين، وتأكيدها لجانب الحق في هذه القضية أو تلك، فهي معروفة في غالب الأحوال، ولكنّها مهملة عمدا، وبصورة تتوافق تماما مع نوعية ما يستهدفه التزييف من تأثير على الوعي الفردي والجماعي بالقضية المعنية.


فلسطين في ميزان التاريخ - كوسوفا في ميزان التاريخ - بين الواقعية والوعي التاريخي



فلسطين في ميزان التاريخ
لقد بدأ التأريخ لفلسطين قبل ميلاد إبراهيم عليه السلام بألوف السنين، وتوجد نصوص تاريخية وفيرة حول ذلك، كما نجد في التوراة الحالية نفسها، بغضّ النظر عن تزييف كثير منها، نصوصا وفيرة أيضا تشهد على تاريخ اليبوسيين والكنعانيين والموآبيين والفلسـتينيين وغيرهم ممّن استوطن فلسطين قادما في هجرات قديمة من جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، قبل ولادة إسرائيل عليه السلام بزهاء ثلاثة آلاف سنة على الأقل، كما تشهد على عدم انقطاع وجود تلك الشعوب بفلسطين، في استيطان متصل إلى ما بعد ظهور بني إسرائيل، ثمّ ظهور اليهودية في عهد موسى عليه السلام، ثمّ ظهور دولة التوحيد التي ينسب يهود اليوم أنفسهم إليها زورا في عهد سليمان وداوود عليهما السلام.. ذلك الاستيطان المتصل لفلسطين بغض النظر عن فترة الوجود اليهودي فيها وحجمه، لم ينقطع إلى العصر الحديث أيضا. ولكن مقابل هذه النصوص الوفيرة في المراجع التاريخية، لا نجد إلا القليل منها في كتب التاريخ الجامعية الحديثة، ويصل ذلك إلى درجة الإهمال المطلق لكل ما لا يرتبط باليهود ووجودهم، عندما نصل إلى الأدبيات السياسية الغربية الحديثة، فهي تبتر من تاريخ فلسطين سائر ما كان قبل اليهود، وما لم يصنعه اليهود، وما كان عن سواهم أثناء وجودهم بفلسطين، لتغرس في وعي تلميذ المدرسة، وقارئ القصة، ومشاهد التليفزيون، وزائر السينما، والمتردّد على المتحف، أنّ تاريخ فلسطين تاريخ يهودي محض، مع ملاحظة أنّ الميادين المذكورة لنشر الوعي السياسي مباشرة وغير مباشرة، هي الميادين التي لا تجد أصلا فرصة للنقاش الموضوعي بما يكشف التزييف ويصحّح الصورة.
وعلى دعائم مفعول هذا التزييف العملي لتأثير التاريخ على التصوّرات السياسية لدى الرأي العام، تنبني الخطوة الثانية فيما يرتبط بعرض قضية فلسطين المعاصرة، عرضا مختزلا فيما تعنيه القضية كصراع بين الحق والباطل، مقابل تفصيل الحديث عن المسألة اليهودية، وظهور الصهيونية، والهجرة اليهودية، والنشأة الإسرائيلية، وكأنّما لم تعرف فلسطين شيئا سوى ذلك طوال تلك المراحل، أو لم يقع فيها نتيجة للهجمة اليهودية الصهيونية الجديدة أيّ تطوّرات وأحداث ومآس، وهو أسلوب متعمّد أيضا ليمّحي من الوعي السياسي الفردي والجماعي، أنّ لقضية فلسطين وجها آخر غير الذي تعرضه الأساطير الصهيونية.
ونعلم أنّ الأخطر من ذلك على قضية فلسطين المركزية ومستقبلها، أنّ بعض الأدبيات الفكرية المنحرفة والسياسية المتغرّبة داخل بلادنا العربية والإسلامية، تنقل ذلك التزييف وتساهم في نشره أيضا، ربّما من حيث لا يريد بعضها، ولكنّه يساهم على أرض الواقع في عملية "غسيل الدماغ" الجماعية للفرد داخل بلادنا، على غرار ما جرى ويجري على مستوى عالمي، حتى عندما تتبنّى تلك الأدبيات المنحرفة والمتغرّبة نظريات ما للدفاع عن فلسطين وخدمة القضية، وفق تصوّرات علمانية متعدّدة الوجوه، فغالبا ما تقع في تزييف آخر للتاريخ عندما تختزل وجود اليهود القديم فيها، أيام كان ذلك الوجود قائما على التوحيد ونصرة الأنبياء عليهم السلام، فلا تضع ذلك في موقعه الحقيقي ومفعوله الطبيعي في مجرى التاريخ، وربما انساقت أقلام إسلامية وراء هذا التزييف فارتكبت خطأ فادحا ظنّا من أصحابها أنّ كلّ تقليص للوجود اليهودي القديم بفلسطين، يخدم المنطلق الإسلامي في القضية، بدلا من تثبيت النظرة الإسلامية الشاملة لأديان التوحيد، الوريثة لمسيرة إبراهيم وموسى وداوود وسليمان وعيسى ومحمد صلى الله وسلم عليهم جميعا، ومن آمن معهم وحافظ على سلامة التوحيد في رسالاتهم، وبدلا من تثبيت دور أصحاب تلك النظرة الإسلامية، المكلّفين بالعمل على الدفاع عنها من انحراف من انحرف بها سيّان تحت أيّ عنوان ولأي هدف.
إنّ الردّ على ركيزة تزييف التاريخ يهوديا وصهيونيا وبصورة منهجية صنعت المأساة بفلسطين، لا يتمثل في تزييف مقابل، بل في العودة إلى وقائع التاريخ كما هي، وتوظيفها في إطار التصوّر الإسلامي الشامل للقضية، والمضي بها نحو الأهداف المشروعة، تحريرا كاملا، وتثبيتا لعقيدة التوحيد فيها، كما أراد الأنبياء، وأراد خاتم الأنبياء، صلوات الله عليهم وسلامه، وبما يكفل لكلّ ذي حق حقّه.




كوسوفا في ميزان التاريخ
ونعلم أنّ التفصيل في الحديث عن قضية فلسطين وتاريخها أيسر على من يكتب بالعربية من الحديث عن قضية كوسوفا وتاريخها، باعتباره يعتمد على وفرة ما يوجد من معلومات في المكتبة الفلسطينية بالعربية، وباعتبار التصاق أحداث المنطقة العربية التصاقا مباشرا بقضية فلسطين وأحداثها. والتفصيل ضروري لبيان المقصود في التحذير من خطورة الوقوع قصدا أو عن غير قصد في منزلق المشاركة في تزييف تاريخ كوسوفا في الوقت الحاضر، فالأسلوب نفسه متبع في الأدبيات السياسية الغربية، ويتسلّل إلى الأدبيات السياسية العربية. إنّ عملية اختزال التاريخ هنا تتحدّث عن كوسوفا كما لو أنّ تاريخها بدأ بتلك المعركة الشهيرة التي هزمت فيها الجيوش العثمانية جيوش الدولة الصربية القديمة، ودارت رحاها على أرض كوسوفا عام 1389م، ليرسخ في وعي الفرد الغربي -وكذلك الصربي والروسي- أنّ ما صنعه الصرب ويصنعونه حديثا، هو انتقام لما وقع آنذاك، لا سيّما وأنّ "روح الانتقام" تكتسب في التصورات الغربية موقع التسويغ، فكأنّ المسؤولية عن الإجرام الصربي المتواصل منذ عشرات السنين الآن، يحملها أولئك العثمانيون قبل ستمائة عام!..
كذلك فالحديث عن المعركة التي وقعت على أرض كوسوفا كبداية للتاريخ، يوحي بأنّ الصرب كانوا في "أرضهم" داخل كوسوفا، فيتجاهل أنّ وجودهم فيها آنذاك كان في صيغة احتلال قصير الأمد، يحكم المنطقة حكما استعماريا، لم يصل حتى إلى مستوى الاستعمار الاستيطاني الذي سعى الصرب لتحقيقه في القرن الميلادي العشرين، وأخفقوا أيضا.
ولكنّ تاريخ كوسوفا لم يبدأ بتلك المعركة الشهيرة، بل بدأ مع بدء التأريخ للقارة الأوروبية نفسها، بالهجرات الأولى القادمة من أواسط آسيا، هجرات الشعوب الأولى التي ظهر منها الألبان، والبلغار، والبوشناق، والتي استوطنت جنوب البلقان من البداية، وبقيت فيه جيلا بعد جيل، وعصرا بعد عصر، وشمل وجودها التاريخي المتواصل المنطقة التي يشملها وجود تلك الشعوب الآن، ومن ذلك بالنسبة إلى الألبان أرض ألبانيا بحدودها الرسمية المعاصرة، مع أرض كوسوفا وسنجق وأجزاء من مقدونية وبلغاريا، وهذا ما تشير إليه بأسلوب ماكر أصوات غربية محذرة من قيام "ألبانيا الكبرى"، وهي تعتبر هذا الهدف "جريمة" من جانب جيش تحرير كوسوفا، ولا تعتبر سيطرة الصرب على كوسوفا جريمة، رغمّ أنّها أرض لا تتبع لهم، وسيطرتهم عليها تعني فيما تعنيه تثبيت دعائم "صربيا الكبرى"، هذا مع أنّ الثابت تاريخيا ايضا، أنّ هجرات السلافيين القديمة إلى المنطقة، أدّت إلى استقرارهم -ومنهم الصرب- في شمال البلقان فقط، فلم يصلوا في أي وقت من الأوقات إلى الأرض الألبانية، وعلى وجه التحديد كوسوفا، إلاّ كمستعمرين قبيل وصول العثمانيين بفترة وجيزة، وكمستعمرين في القرن الميلادي العشرين!..
الاختزال المزيّف لتاريخ كوسوفا على النحو المذكور، يوحي عبر الأدبيات السياسية الغربية الراهنة، بأنّ الإسلام لم ينتشر بين الألبان إلاّ عن طريق العثمانيين، وأنّ هؤلاء فرضوه من الأعلى، وأنّ نشره في المنطقة كان من الأسباب الرئيسية لتحوّل البلقان إلى بؤرة صراع ونزاع على امتداد القرون التالية، وهي تصوّرات خبيثة، تسعى لتعزيز أسباب العداء الديني في البلقان رغم المزاعم القائلة بغياب العنصر الديني عن دوافع ما يوصف بالتطهير العرقي!..
ثمّ إن الاختزال المذكور لا يعرض الحقائق التاريخية كما هي، فوصول الإسلام إلى البلقان كان أوّلا عن طريق التجار والدعاة، كما تشهد كتب الرحالة الجغرافيين، ومن الموثّق تاريخيا أنّ الإسلام سبق وصول العثمانيين بزهاء مائتي عام على الأقل، كما أنّ اعتناق الألبان بالذات للإسلام يمثّل ظاهرة فريدة من نوعها في تاريخهم، فقد استعصى إخضاعهم لمعتقدات سائر الغزاة الذين شهدتهم المنطقة، بمن فيهم الرومان والإغريق، فكانوا يعتصمون بالجبال، حتى إذا وصل الإسلام إلى بلادهم تقبّلوه واعتنقوه. وممّا ينفي مزاعم الإكراه أو فرض الإسلام من جانب السلطة العثمانية، أنّها سيطرت على شمال البلقان أيضا، ووصلت إلى أبواب فيينا في النمسا، ولكن لم تدخل عقيدة التوحيد إلاّ قلوب فئة محدودة من الصرب وأقرانهم من السلافيين، ولا يزعم أحد من المؤرخين في الغرب أن العثمانيين أكرهوا أحدا منهم على اعتناق الإسلام!..
كذلك فالتزييف معتمد كمنهج في عرض الأدبيات السياسية الغربية لقضية كوسوفا المعاصرة، وكأنّها بدأت بإلغاء الحكم الذاتي فيها من جانب ميلوسوفيتش عام 1989م، بعد وصوله إلى السلطة بعامين فقط، وهو أسلوب يساهم في تعزيز الطرح الغربي المقصود لحصر احتمالات الحرب والسلام ما بين مصادرة الحكم الذاتي المقيد والعودة إليه، وفي تعزيز نشر الوهم القائل إنّ هذا "الحكم الذاتي المقيد" دون فصل كوسوفا عن الأرض الصربية، هو ما يمثل الشرعية الدولية!..
ولكن كما أنّ قضية فلسطين المعاصرة لم تبدأ بدخول الدول العربية حربا ضدّ الكيان الصهيوني عام 1948م، وإنّما ببدء المخططات اليهودية والغربية لسلخ فلسطين عن المنطقة الإسلامية قبل مائة عام وأكثر، كذلك فقضية كوسوفا المعاصرة لم تبدأ عام 1989م بل عام 1912م باندلاع حرب البلقان، بعد وعود غربية للألبان -وشعوب أخرى- بالاستقلال في أرضهم الموحدة، إذا ما شاركوا الجيوش الغربية في تقويض دعائم الدولة العثمانية، حتى إذا تحقّق ذلك كان الغدر بهم عن طريق معاهدة فرساي، وسلخ أجزاء من الأرض الألبانية وتوزيعها، ومن ذلك كوسوفا التي أعطاها من لا يملكها لمن لا يستحقّها، وهي العبارة المستخدمة كما نعلم في قضية فلسطين، فهنا أيضا نجد التطابق بين المنهج المتبع في القضيتين ظاهرا للعيان، في الأساليب المتبعة، من وعود كاذبة لأصحاب الحق، وأخرى متبادلة بين أهل الباطل، ومن معاهدات دولية تخرق ثوابت الشرعية الدولية، مثل حق تقرير المصير وعدم اغتصاب الأراضي بالقوة، ثم تجعل من الأوضاع الباطلة الجديدة "أرضية" لشرعية دولية مزعومة مزيفة!..




بين الواقعية والوعي التاريخي
رغم ذلك كله فهنا أيضا لا نرى الخطورة الأكبر في تزييف التصوّرات الغربية لصناعة رأي عام يخدم أغراض سياسة الهيمنة، ولتسويغ ما يصنعونه مباشرة أو يساهمون في صنعه من مآس على حساب المسلمين في البلقان، إنّما نرى الخطورة الأكبر في انزلاق أقلام عربية وإسلامية إلى اختزال تاريخ كوسوفا واختزال تاريخ قضيتها المعاصرة، بأسلوب مشابه، ينقل دون تمحيص، ويتحدّث عن التاريخ دون تحقيق، ويساهم من حيث يريد أصحاب تلك الأقلام أو لا يريدون، في ترسيخ ما تريده القوى المهيمنة على صناعة القرار في عالمنا المعاصر، بما يخدم مصالحها، على حساب الشرعية الدولية وإن زعمت التحدّث باسمها، بل تسعى لاحتكار ذلك الحديث لنفسها!..
يجب أن نميّز في متابعة أحداث قضايانا الإسلامية والتعامل معها، كقضية كوسوفا، بين منطلقين اثنين، أحدهما عملي قائم على الواقعية –بمفهومها الأصلي- لاستيعاب الواقع الحاضر وصنع ما يمكن صنعه فيه، والثاني قائم على الوعي التاريخي واستشراف المستقبل.
قد لا يرى بعضنا بديلا عن التدخل العسكري الأطلسي "الكريه" المتمرّد على البقية الباقية من الشرعية الدولية أو على الأقل على مرجعية الأمم المتحدة بغض النظر عن مدى تطابق ما يصدر عنها أو تناقضه مع ثوابت الشرعية الدولية، وقد لا يرى بعضنا أنّ الدول العربية والإسلامية قادرة في الوقت الحاضر على الأقل على أكثر من الإسهام المحدود في إغاثة المشرّدين والمنكوبين في مأساة كوسوفا وفي إطلاق النداءات والبيانات لوقف الإجرام الصربي وإقرار حقوق الإنسان والحقوق المشروعة كحق تحرّر الشعب والسيادة على الأرض، ولكنّ إدراك هذا الواقع والتعامل معه كما هو، يوجب في الوقت نفسه السعي الدائم لتثبيت دعائم الوعي السياسي الفردي والجماعي داخل البلدان الإسلامية، وكذلك خارجها قدر الإمكان، على أسس قويمة صادرة عن حقائق التاريخ دون اختزال ولا مسخ أو تزييف وتزوير، وأن يكون هذا الوعي محور مناهج التوعية والتربية والتعليم والإعلام، فضلا عن المواقف السياسية، فذاك ما يُبقي للقضايا المصيرية حياتها، وما يعيد إليها صورتها الحقيقية، وقد باتت ميدانا من الميادين الرئيسية لجولات تدور بين الحقّ والباطل، لا نهاية لها، وإن قطع الباطل في هذه الأثناء أشواطا بعيدة، ليس في السيطرة والهيمنة بالقوة فهذا إلى زوال لا محاولة، بل في نشر الوهم القائل إنّ القوّة المهيمنة التي يكدّسها الباطل، ويطوّرها، ويسعى لاحتكارها، ويهدّد باستخدامها، ويستخدمها، لا تتطلّب لمواجهتها ولإقرار الحق رغما عنها، سوى تصديق أنّ هذا العصر عصر السلام فحسب، وسيحصل على السلام والأمن، كلّ من يتخلّى عن مقاومة الباطل، ويسلّم أمره ومستقبل ومستقبل الأجيال القادمة في بلده، لتصوّرات الباطل، ولما يريد من هيمنة وسيطرة في مختلف الميادين والأمكنة وبمختلف الوسائل والأساليب!..

admin

admin
Admin
Admin

حقائق التاريخ دون اختزال تُبقي للقضايا

المصيرية حياتها وتعيد إليها صورتها الحقيقية



مشكور عالموضوع الرائع

https://rsos.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

مواضيع مماثلة

-

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى